فرانتز فانون، أسود من جزر المارتينيك، ولد عام 1922 في هذه المستعمرة التي يحمل سكانها
الجنسية الفرنسية. جاء الى فرنسا لإكمال تحصيله العلمي، فدرس الطب في مدينة ليون، فأظهر في حياته
الدراسية تفوق ونبوغ. تخرج متخصصا بالطب العقلي وعين طبيبا للأمراض العقلية بمدينة بليدة
الجزائرية. وقد دون في كتابه الاول “العام الخامس للثورة الجزائرية” كيف يشوه الاستعمار الطبيعة
الانسانية وقد اعتمد في كتابه على دراسة مرضاه الجزائريين.

ومن مراقبته للثورة رأى كيف تحمل الى النفوس البرء والتطهر، وكيف تغسل المجتمع الثائر من
الجمود والتأخر، وتعتقهم من قيود العادات البالية التي كانت تسيطر عليهم.

رافق فانون ثورة الجزائر من بدايتها. وآمن بأنها تورة جذرية، ثورة انسانية اصيلة لن تذ
في ارضها، وشعبها. بل ستردد اصداؤها في افريقيا كلها، وفي جميع البلاد المستعمرة المتخلفة. قرر
فانون أن ينضم الى صفوف الثوار، ففي عام 1957 قدم استقالته من منصبه كرئيس لمستشفى الامراض
العقلية – في رسالة استقلته وصف جريمة الاستعمار الغربي الذي يخضع الانسان ويقتل انسانيته
وانخرط في ثورة الجزائر انخراطا كاملأ. استقبلته ثورة الجزائر باسطة له ذراعيها، واسندت اليه
مهمات شتي، منها تمثيل ثورة الجزائر في كثير من المؤتمرات الدولية رئيسا لوفدها. أكد فرانتز فانون
انه على المثقف المحتل ان يقاتل مع شعبه بعضلاته كما يحارب بفكره وقلمه. ولكن جسم فانون لم يسعفه
طويلا في هذه المعركة بل تداعى في منتصف الطريق. فقد أصيب بسرطان الدم، حتى اذا استشرى
مرضه ادخل احد مستشفيات سويسرا، ثم نقل الى مستشفى بواشنطن، وهناك انجز كتابه “معذبو
الأرض”. في كانون اول عام 1961 توفي فانون ولم يتم الاربعين من عمره. حملت الطائرة جثمانه الى
تونس، ومن هناك اخترق المجاهدون بنعشه الحدود مكفنا بالعلم الجزائري، ليدفنوه في تراب الجزائر
عند مرابض المقاتلين كما اراد. كذلك مات فانون المارتينيكي الاصل، الجزائري النضال، الانساني
التفكير، تاركا في جسم المستعمرين آثارا من خدش اظافره، وتاركا في ربوع الجزائر انوارأ من دفق
عقله وقلبه.

الصفحات: 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15

أضف تعليق

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم